mohamed-a عضو فضي
عدد الرسائل : 203 العمر : 65 Localisation : syria تاريخ التسجيل : 02/02/2007
بطاقة الشخصية شهيد مجيد: 100%100
| موضوع: جذور اللغة العربية-5 الجمعة مارس 09, 2007 4:58 am | |
| جذور اللغة العربية-5
ـ تيار دعاة العامية من المستشرقين والأجانب من غير العرب: يرتكزوا المهتمون بهذا التيار على أرضية تشوبها الرخاوة باعتمادهم التأويلات المقصودة على النيل من اللغة العربية كقولهم عن صعوبة وجماد اللغة الفصحى وبقائها على حالها منذ القرون الأولى لشيوعها بحوالي 1400 سنة، وانها لم تعد تجدي كشكل من أشكال النشاط اللغوي المختلف عن العامية التي تعتبر لغة الحياة اليومية. كما ودعموا ادعاءاتهم بأن الأدب يجب أن يكتب بلغة الشعب، وعلى المفكرين أن يخاطبوا الشعب بلغته التي يمارسها في التفاهم والتخاطب اليومي الدائم والمألوف. كما وأن فقدان قوة الاختراع عند العرب ومواكبة العصر هو استبقاء الفصحى وافتقارها للأصطلاحات العلمية لا سيما في عصر الاكتشافات والاختراعات. ومما لا شك فيه أن يكون هناك من بين المستشرقين من يبدي حرصه على مستقبل اللغة العربية ككل، وهذا ما تشهد له العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية التي أغنت المكتبة العربية والأجنبية. إلا من الجانب الآخر تجد منهم وقد تبنتهم دولهم لغاية في نفس يعقوب، بغية تحقيق مآربهم المقصودة في اضعاف الفصحى ومحوها لكونها روح الأمة وعنصر بقائها وديمومتها. وان عملية الضعف اللغوي يُضعف الشعور القومي، ومتى ما ضعُف الشعور القومي انصهر الشعب في بوتقة لغة المستعمر كما حصل في الجزائر من قبل الأستعمار الفرنسي، وما عاناه العرب إجمالاً منذ بداية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث أصبح الوطن العربي تحت السيطرة الكاملة للأستعمار وفرض لغته والتقليل من شأن العربية بالدعوة لهجر الفصحى والتزام العامية لغة للقراءة والكتابة بحجة صعوبتها وإنها غير مفهومة من الجماهير. وقد اتضح من هذه الدعوات تجزئة الأمة العربية من خلال اللهجات العامية التي تختلف من قطر إلى آخر، كما حصل للغة الرومان اللاتينية التي كانت شائعة في أوروبا وتفرعها بالتالي إلى لهجات وتبنيها كلغات متعارف عليها بالإيطالية والفرنسية والأسبانية، وكذلك الحال بالنسبة في اللغات الجرمانية مثل الألمانية والهولندية والنرويجية والدنمركية التي تُحتسب لغات مستقلة بينما هي في الواقع من اللهجات الجرمانية، إضافة للهجات الروسية: التشيكية والبلغارية والصربية التي اتخذت طابع اللغات رسمياً بفضل العامل السياسي بعد استقلال تلك البلدان عن روسيا.
4 ـ تيار استبدال الحروف العربية باللاتينية: ينظر دعاة هذا التيار الى اعتبار العربية بفرعيها ـ الفصحى والعامية ـ لم تعد تساير وتواكب التطور العلمي والتكنولوجي الحديث، ولكي يرتقي العرب إلى درجة التمدن الحضاري والتنبؤات المستقبلية ينبغيهم الأبتعاد عن إشكالات التعقيد اللغوي في القراءة والكتابة وهجر الحروف الأبجدية العربية التي تتخذ أشكالاً متفاوتة لا تنسجم وروح العصر في التعليم. لذلك ينبغي ابدال الحروف العربية باللاتينية التي تتخذ شكلاً واحداً متعارفاً عليه، حينذاك تكون اللغة العربية أكثر انسجاماً ومقاربة للحرف الأكثر شيوعاً واستعمالاً في العالم، مما يجعل التعلم أكثر سهولة ومرونة وأكثر قوة ورصانة في المراحل العليا طالما يجري توليد المصطلحات المستحدثة من واقع العالم الغربي الذي يعتمد الحرف اللاتيني. إن هذه الدعوة لا تقل شأناً عن سابقها في المخاطر، والأخطر من كل ذلك طمس كل ما يمت بصلة للفكر والتراث المخطوط والمنشور والمحفوظ باللغة العربية إن كان بالفصحى أو العامية.
5 ـ تيار تطعيم اللهجات بالفصحى: يكترث مُنادو هذا التيار بمحور واقع ومحيط الأطفال، وذلك باعتماد اللغة المكتسبة لديهم وسيلة للتعليم، كونها الأقرب إلى نفوسهم والأسهل عليهم، ولكونها لا تخلو من المفردات الفصيحة وبشكل خاص الأسماء والصفات المتعارف عليها، إضافة لأحتوائها على المفردات التي شابها التغيير في اللفظ واعتبارها التبديل في التركيب، رغم أصالتها وشرعيتها اللغوية. بهذا فأنه من خلال تطعيم لغة التعليم بمفردات وعبارات بسيطة واضحة سلسة وخالية من التعقيد يتيسر تهذيب لغة الأطفال وتشذيبها من الألفاظ الغريبة والخاطئة الأستعمال تدريجياً. فتكون هذه المحاولة نقطة انطلاق لمراحل التدرج في النمو اللغوي السليم لدى الطفل واثرائه برصيد ينسجم وعمره الزمني والعقلي وتقدمه التعليمي والتربوي. ويرى أصحاب هذا الرأي بأنهم يكونوا قد توصلوا إلى لغة مرنة توسم بالفصحى المتوسطة أو المعتدلة باعتبارها الخطوة الأولى لترغيب وتعويد التلاميذ المبتدئين على تقبل الفصحى. وان ما يستوجب هذه الطريقة هو دراسة اللهجات الأكثر شيوعاً والأوسع انتشاراً والأقرب صلة في البلاد العربية، أي أن يتم جمع الكلمات العربية العامية والدخيلة وانتقاء ما هو قريب من اللغة الفصحى ليتسنى استخلاص ما هو الأهم والأنسب للتلاميذ والأقرب لخبراتهم بغية وضع منهج تربوي موحد وشامل للمراحل الأولى من المدرسة الأبتدائية يتم تعميمه على البلاد العربية بشكل عام لتصبح اللغة الدارجة ولغة الكتب واحدة موحدة كبعض اللغات الحية.
فإذا عمدنا على غربلة هذه الأعتبارات والتخمينات على ضوء ما يكتنف محيط الناطقين بالعربية في بلاد المهجر ومواقفهم وطموحاتهم من الهوية القومية فأننا نرتأي فكرة تطعيم اللهجات بالفصحى لكونها أكثر صلة بواقع التلميذ رغم تفاوت العامل المكاني وما تنتابه من متغيرات مؤثرة في حياة الناشئة من محبي العربية وسنأتي على ذكر ذلك في نهاية حديثنا.
إن كانت هذه الفروقات واضحة وجلية ما بين الفصحى والعامية فمعنى ذلك أن ينشأ الفرد العربي مزدوج أو ثنائي اللغة ما بين المفردات والتراكيب الرسمية والعامية المحكية، أو ما بين لغة الإيمان بالدين الأسلامي المتمثل بالقرآن ونصوصه التي لا تقبل التغيير أو التحريف واللهجة المحكية التي تتفاوت في العديد من مظاهرها عن اللغة المحتمة.
وإن كانت هذه هي الحقيقة التي تتراءى لنا عن كثب وفي عصر بلغ شأواً كبيراً من التطور في كافة ميادين العلم والمعرفة للوقوف على أيسر وأنجع السبل ومنها العلوم اللغوية والتعليمية، فكيف هو الحال قياساً بنتائج البحوث التجريبية المتعلقة بدراسة العلاقة بين العامية والفصحى في بداية الخمسينات وفيما بعد، والتي تؤكد قرب الصلة بينهما حيث تشير إلى أن ( 73%) من الكلمات ذات التكرار العالي في كتاب القراءة في الصفين الأول والثاني الأبتدائي موجودة في اللغة العامية. وحوالي (80%) من كلمات الأطفال المصريين الذين لم يدخلوا المدرسة بعد توجد في اللغة الفصحى. ونسبة الكلمات التي لا تمت إلى الفصحى بصلة والموجودة في لغة الأطفال المصريين الشفوية قد بلغت 3,5 % في السنة الأولى و 2,5 % في السنة الثانية و 2 % في السنة الثالثة.
إن كانت هذه الأستنتاجات قد أكدت قدرات الطفل المصري على تقبل الفصحى بشكل ما فمعنى ذلك إن أطفال الأقطار العربية الأخرى لا يقلون شأناً عن هذه الحصيلة طالما هناك العديد من الدراسات والكتب الصادرة في عدة بلاد عربية تشير إلى تواجد آلاف الكلمات العامية أضيفت إلى قائمة معجم الفصحى في مصر ولبنان وسوريا والعراق ودول الخليج.
نستنتج هنا بناء لما أشرنا إليه واعتماداً على معدلات النسب المئوية المتعلقة بثروة الأطفال اللغوية إن كانت حقيقة وأثبت صحتها ميدانياً فمعنى ذلك سهولة عملية التعلم تدريجياً واحتمال تجاوز الأشكال الضئيلة، إلا أن الواقع العملي لعملية التعليم اللغوي القويم تشير إلى العكس لأسباب وعوامل أخرى تتحكم فيها القواعد الصرفية والنحوية وتفاوتها بين الفصحى والعامية وافتقار خبرات الأطفال لأصولها كالأحكام الأعرابية والأشتقاقات التي تتكون بنوع من التغيير الداخلي للكلمة مع بعض اللواحق (Affixes ) كاسم الفاعل، والمفعول، وأفعال التفضيل، وتصريف الأفعال، والجموع وغيرها.
إن هذه الأعتبارات التي حيرت خبراء التربية والتعليم واللغويين في البلاد العربية، وأعاقت مسيرة العديد من المستشرقين من ذوي الأختصاص في هذا المجال وعلى مدى قرون عديدة لا زالت آثارها مترسبة في الأقطار العربية ومعاهد الأستشراق لحد اليوم، فكيف هو الحال إذن للتلاميذ العرب الذين يتعلمون العربية في مدارس دول الشمال التي يشكلون فيها نسبة ضئيلة جداً، وفي بيئة تختلف كلياً عما هو عليه في بلادهم الأصلية؟!
يتبع | |
|