هذا جزء من مسرحية "سقوط بغداد" إلا أننا سنعرض لمسلسل القبض على صدام. أقول مسلسل لأنه من الواضح أنه على حلقات ولكن من غباء العلوج المرتزقة أنهم عرضوا الحلقات الأخيرة أولاً! وكما هي العادة في المسلسلات التمثيلية يُعرض بعض هفوات الممثلين المضحكة أثناء التصوير. وهذا ما حدث بالضبط. فقصة البلح المصفر والثمار التي تجفف (أ و اللحوم التي تقدد) على الحبل بجانب البلح إلا مشهداً من مشاهد النهاية المخزية.
ولا نريد أن نتوسع كثيراً في رواية اعتقال صدام الأمريكية فقصة البلح (والتجفيف العجيب في شهر ديسمبر) لأنها أصبحت منتشرة ولله الحمد. ولكن يكفينا الآن نضيف كذبة جديدة لسجلهم الحافل. ولكن هناك سؤال مهم وهو
لماذا لم يعرضوا علينا صوراً لعملية الاعتقال وكيف أخرجوا صدام المسالم من الحفرة؟ هل تعلمون أن كل الصور التي عرضوها هي مشاهد تمثيلية باعترافهم هم وهي مجرد محاكاة لما يقولون أنهم قاموا به. وبالتالي يمكننا القول إنها وبتعبير دقيق عبارة عن "تمثيل للكذب".
وما تزال مهازل هذا المشهد الفاشل تتوالى علينا ففي تقرير بثته وكالة أسيوشيتدبرس للأنباء الأمريكية لحوار مع زوجة مالك المزرعة (خالدة زوجة قيس نامق الدوري) التي وجد فيها صدام قالت أنها كانت قبل يوم واحد من الاعتقال المزعوم في المزرعة ولم يكن هناك سوى الخراف على حد قولها. وقالت أن الأمريكان زاروا المزرعة قبل سبعة أسابيع (أي ربما عندما صوروا المشاهد الفاشلة).
المزرعة يربى فيها خراف أي أن صاحبها لابد له أن يتردد عليها بشكل شبه يومي في أسوأ الأحوال. وإضافة لذلك فهي كانت ضمن الأهداف المرصودة والتي تم مداهمتها من قبل.فهل يعقل أن تكون مكاناً للاختباء؟
ثم كيف لنا أن نوفق بين هذه القصة وقصة أبناء صدام (عدي وقصي)؟ فحسب الرواية الأمريكية هم يستحقون أن يدخلا التاريخ من أوسع أبوابه... نعم حقيقة... فهم (وأكرر حسب الرواية الأمريكية) صمدوا لمدة 6 ساعات نعم ست ساعات من القتال أمام 200 فرداً من الفرقة 101 مدججين بالأسلحة الثقيلة وبمساندة الطائرات السمتية! ودارت هذه المعركة العنيفة في منزل محاصر فيه عدي وقصي واثنين من المرافقين! ولا يفوتني أن أذكر ذلك الفتى مصطفى حفيد صدام! كلهم فضلوا الموت على الاستسلام في هذه المعركة الخاسرة. أما الأب صدام فإنه (وحسب الراوي نفسه) فر لجحر لا يتسع له ولكنه حشر نفسه فيه وانتظر أن يأتي الأمريكان ليخرجوه منه وهو في قمة الوداعة والاستسلام. ليس هو فقط بل المرافقان كانا على شاكلته أيضا!
ولعلنا ننتقل الآن لصدام شخصياً. فالإشكال والتخبط الذي وقع فيه من قال أن الأسير هو شبيه صدام كان بسبب أنهم لم يعتادوا على رؤية صدام الحقيقي في وسائل الإعلام. فكانوا في الغالب يقارنون بين صورتين لنفس الشخصية (دون أن يعرفوا طبعاً) في محاولتهم لتحسس الفوارق، وبالتالي لم يجدوا الكثير ومن هنا أتت البلبلة والخلط.