بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
سيد البدوي كان رجل معه نصف علم الدنيا :
والسيد البدوي هو القطب الصوفي النبوي وواحد من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيدي احمد البدوي".
وقد أوصى السيد البدوي بتسع وصايا من خلال ما قاله لتلميذه وخليفته عبد العال المدفون بالقرب منه والواقع إن هذه الوصايا لم تكن لعبد العال فقط بل هي لكل المؤمنين وهى ليست للطريقة السطوحية وحدها (أتباع السيد البدوي) بل لكل مسلم... والوصايا التسع هي عبارة عن تسع عقبات لابد من إجتيازها لكى تعيش صافى الزهن والقلب، مطيعاً لربك مؤملا أن تدخل جناته يوم الحشر العظيم حيث لا مال ولا ولد ينفعك ولكن قلبك السليم وأعمالك هى مقياس الحكم عليك وهى التى ترجح كفة أعمالك الحسنة.. والعقبات التسع هى:
لا تتعلق بالدنيا، وراع الإحسان في العمل، وابعد النفس عن الشح بالعطاء، واستمر في ذكر الله ولا تغفل عن القيام بالليل، ولا تكن سيء الخلق في المعاملة، وأصبر على تحمل الأذى، ولازم الصدق دائما ولازم أن تكون صافى القلب، حسن الوفاء، حافظا للعهود.
هذه التعاليم نادي بها القطب الصوفي منذ سبعة قرون ليس فيها لبس أو غموض وإنما فيها وضوح الرؤيا الإسلامية.
عاش السيد البدوي 79 عاما قضى منها حوالي 40 عاما في طنطا والـ 39 عاما قضاها بين فاس ومكة المكرمة والمدينة المنورة والعراق وأسس أضخم مدرسة صوفية شهدتها مصر والعالم الإسلامى وألف طائفة عظيمة من التلاميذ والمريدين.... وهو حفيد فاطمة الزهراء وعلى بن أبى طالب رضي الله عنهما.
السيد البدوي هو احمد بن على بن إبراهيم محمد بن أبى بكر بن إسماعيل بن عمر بن عثمان بن على ابن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن على الهادي بن محمد الجواد بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب. هو إذن شريف علوي من آلي البيت.
وحياة السيد البدوي من مشرقها إلى مغربها كلها جهاد... جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر وجهاد في سبيل إعلاء راية الإيمان... وظل طول حياته يربى نفوسا مؤمنة.
كان السيد البدوي سادس الأخوة في أسرته فقد تزوج الشريف إبراهيم جد أحمد البدوي بأبنة آخى السلطان فولدت له عليا الذي تزوج بدوره من فتاة عالية القدر هي فاطمة بنت احمد بن عبد الله بن مدين بن شعيب المزنية فولدت له ستة أبناء ثلاثة منهم بنات وكان البدوي أصغر الذكور.
ومنذ أن جاء السيد البدوي مكة – كان البدء الروحي – فقد تفقه على مذهب الإمام الشافعي وأتقن العلوم وعكف على العبادة والتأمل دائم الصمت والابتعاد عن الناس واضعا اللثام على وجهه وهى عادة مغربية حتى سمى بالبدوي وتعلم أيضا الفروسية حتى صار من فرسان مكة... وازداد اعتكافه بعد موت أبيه وأخيه وكان الاعتكاف في جبل أبى قبيس وهو احد الجبال السبعة التي تلف مكة المكرمة.
واستمر في تأملاته عدة سنوات في شعاب مكة وجبالها ثم أحس انه مشوق إلى مزيد من علوم السيدين أحمد الرفاعى وعبد القادر الجيلانى وأعلام الصوفية في العراق.
وصل أحمد البدوى إلى العراق فى شهر ربيع أول 634 هـ ومعه أخوه الشريف حسن وقد بدأ بزيارة آل البيت وأقطاب الولاية المدفونين هناك ...ثم زار الكاظمه حيث مقابر الشيعة وفيها قبر جده الإمام موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد كما زار قبر الجيلانى.
ورأى في المنام من يأمره بزيارة قرية "أم عبيدة" مركز الطريقة الرفاعية وفعلا ذهب إلى القرية حيث استقبله الرفاعية أروع استقبال وأقام فيها ثلاثة أيام عاد بعدها إلى بغداد.
وفى أم عبيدة توجه إليه النداء الباطني – كما تقول الصوفية – من السيد أحمد الرفاعى يشير عليه بالذهاب إلى فاطمة بنت برى بالعشائر في شمال العراق كي يقوم سلوكها ويؤدبها وهذا في الواقع كان امتحانا عليه أن يجتازه ليكون قطبا صوفيا. هنا يفترق البدوي عن أخيه الشريف حسن.
ويعود أخوه إلى مكة بينما يواصل السيد مسيرته إلى فاطمة بنت برى ولقاء السيد بفاطمة بنت برى معناه انتصار الخير على الشر. فكما يقول الإمام الشعراني امرأة ذات جمال عظيم بديع وكانت تسلب أحوال الرجال فسلبها السيد حالها.
فكانت فاطمة بنت برى سيدة تتمتع بقسط وافر من الجمال والمال وكان الاختبار الذي تمتحن به كل من يريد أن يتتلمذ عليها هو موضع الحسن الذي تتمتع به من نفسها فيقع فيها من يطيل النظر إليها وهنا لا يصلح أن يكون صوفيا مؤمنا لأنه ضعيف القلب سريع التأثر.