بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
ضوابط الدعوة الى الله :
الدعوة إلى الله واجب على كل مسلم ومسلمة،وهي المهمة التي كلف الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلف بها هذه الأمة كما قال تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) [110 ] سورة آل عمران ،فقد خلق الله تعالى الجن والإنس لعبادته فقال سبحانه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (56) سورة الذاريات ، وهذه العبادة تحتاج إلى بشر يبلغون عن الله جل وعلا، و الدعوة إلى الله هي التي من أجلها شرّف الله أمة الإسلام ، فجعلها بذلك خير أمة أخرجت للناس، لأنها حملت رسالة الله إلى العالمين .
وبما أن هذا الدين خاتم الأديان ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ؛ لذلك فلابد من المتابعة في نشر هذا الدين، والدعوة إليه، تنفيذاً لأمر الله تعالى: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) (104) سورة آل عمران،وخطاب التكليف في هذه الآية الكريمة شامل للرجال والنساء،وهنا مساواة بين المرأة والرجل في أصل التكليف دون التصدر للميادين العامة؛ لأن ذلك من شأن الرجال دون النساء ، والأصل أن قيام المرأة بالدعوة بين بنات جنسها ،ونتيجة لذلك تعين بيان ضوابط العمل الدعوي بشكل عام،وبيان الضوابط التي تخص المرأة،فعلى المسلم سواءً كان رجلاً أو امرأة أن يلتزم بعدة ضوابط حتى يثمر عمله ويصل إلى الهدف الأساس الذي من أجله تم القيام بهذا العمل.
الضوابط العامة للعمل الدعوي:
- الاهتمام بالتأهيل العلمي :وذلك بتحصيل العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ؛ ليكون ما يقوم به الداعية من نشاط دعوي مثمراً وعلى بصيرة ،لقوله تعالى{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي..}أي على علم.
- الاعتماد على القرآن الكريم،والتمسك بالسنة النبوية المطهرة:إن الداعية يحتاج على الدوام إلى الرجوع لكتاب الله تعالى،وسنة نبيه الكريم ؛ ليعمل ما يرضي الله من خلال شرعه المطهر من خلال جميع الأقوال والأفعال ليتم دفع الشبهات والابتعاد عن الشهوات، فما يوافق الكتاب والسنة يأخذ به ويدعو إليه وما يخالفهما يبتعد عنه ويُحَذِّر منه.
- سلامة الوسيلة وضمان مشروعيتها:وذلك بأن تكون موافقة للشرع المطهر وخالية من أي انحراف قد يخل بالهدف المنشود من استخدامها.
- التركيز على المحكمات:وذلك بالعودة إلى الأمور البينة الواضحة التي لا التباس فيها،وترك ما فيه اشتباه على كثير من الناس تجنباً للاختلاف والفتنة وحرصاً على تبليغ الدعوة للمدعوين في قالب بيِّن واضح.
- التدرج في الدعوة: وهذا إتباع لما جاء في حديث معاذ بن جبل عندما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى اليمن وأوصاه بأهلها خيراً ؛ فقال له: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله أفترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، وهذا ما يسمى بسلم الأولويات ، حيث لا نبدأ بالفروع الفقهية الخلافية ونترك أمر العقيدة على سبيل المثال.
- التيسير المبني على الدليل إتباعاً لما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ، والرسول صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما.
- الحكمة:وهي القيام بالعمل في الوقت المناسب ، ومراعاة المكان المناسب أيضاً، ومراعاة الجوانب الأخرى للعمل الدعوي من طبيعة المدعوين وظروفهم واحتياجاتهم وفئاتهم العمرية.
- البعد عن التعصب:وذلك بتجنب الانحياز لمذهب دون مذهب،أو عالم دون آخر،فيجب أن يكون الهدف إظهار الحق وتبليغه للناس وإن كان مخالفاً لرأي آخرين،فالتعصب والتطرف من خطوات الشيطان،والأئمة الأربعة جميعهم أئمة هدى ودعاة حق,وإن وقع ما وقع من خلاف في الفروع بينهم.
- إنزال الناس منازلهم:وهي من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها والتنبه لها،فالتعامل مع الناس يكون وفق أقدارهم،فالكبير يكون له قدر من التقدير والاحترام،والصغير يتم التعامل معه بالرحمة،والعلماء لهم قدرهم الخاص ويكون التعامل معهم بالإجلال والتوقير.
- القدوة الحسنة:وذلك بأن يكون الداعية قدوة في نفسه،وفي أسلوب تعامله،وسلوكه،وأن يتخذ الجميع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لهم،قال تعالى{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) سورة الأحزاب.
- مراعاة المصالح والمفاسد : فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح،وهذه قاعدة شرعية لا بد من مراعاتها، وعند تعارض المصلحتين ينظر في أعلاهما، وعند تعارض المفسدتين يتجنب أعظمهما ضررا.
أما الضوابط الخاصة بالمرأة فهي:
1- قرار المرأة في البيت وهذا هو الأصل ، وعدم خروجها إلا للحاجة،مع عدم الخروج إلا بإذن الزوج، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33] وقال صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان حتى ترجع.
2- التزام الحجاب الشرعي لأنه وسيلة التقوى،قال تعالى {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} (31) سورة النــور.
3- تحريم سفرها دون محرم، قال صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
4- الموازنة بين الواجبات الأصلية والواجبات الدعوية، بحيث لا تؤثر الاهتمامات الدعوية على المسؤوليات الأسرية الواجبة عليها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها .
5- مخالطة النساء بالقدر المناسب؛لدعوتهن ولتلمس حاجاتهن للنصح والإرشاد،والتعرف على طبيعتهن.
6- مراعاة الضوابط الشرعية في التعامل مع الرجال وهي :
- تحريم خلوتها بالأجانب، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم وفي رواية: إلا كان الشيطان ثالثهما ، وقال صلى الله عليه وسلم إياكم والدخول على النساء .
- البعد عن الاختلاط بالرجال الأجانب مهما كانت ظروفه وأحواله، فقد قال صلى الله عليه وسلم للنساء: استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
- من الأفضل عدم التحدث إلى الرجال إلا للحاجة ، مع عدم اللين في القول ، وضمان عدم الفتنة.
أخوكم في الله
رائد طالب من الله المغفره